فصل: تفسير الآيات (66- 70):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: النكت والعيون المشهور بـ «تفسير الماوردي»



.تفسير الآيات (64- 65):

{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا (64) فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65)}
قوله تعالى: {فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} ومعنى {شَجَرَ بَينَهُم} أي وقع بينهم من المشاجرة وهي المنازعة والاختلاف، سُمِّيَ ذلك مشاجرة، لتداخل بعض الكلام كتداخل الشجر بالتفافها.
{ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيتَ} وفي الحرج تأويلان:
أحدهما: يعني شكّاً وهو قول مجاهد.
والثاني: يعني إثماً، وهو قول الضحاك.
واختلف في سبب نزولها على قولين.
أحدهما: أنها نزلت في المنافق واليهودي اللَّذين احتكما إلى الطاغوت، وهذا قول مجاهد، والشعبي.
والثاني: أنها نزلت في الزبير ورجل من الأنصار قد شهد بدراً، تخاصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج من الحرّة كانا يسقيان به نخلاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «اسْقِ يا زُبَيرُ ثُمَّ أَرسِل المَاءَ إلَى جَارِكَ» فغضب الأنصاري وقال: يا رسول الله آن كان ابن عمتك، فَتَلَوِّنَ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف أن قد ساءه، ثم قال يا زبير: «احْبسِ المَاءَ إلَى الجُدُرِ أو الكَعْبَينِ ثَمَّ خَلِّ سَبِيلَ المَاءِ» فنزلت هذه الآية، وهذا قول عبد الله بن الزبير، وعروة، وأم سلمة.

.تفسير الآيات (66- 70):

{وَلَوْ أَنَّا كَتَبْنَا عَلَيْهِمْ أَنِ اقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ أَوِ اخْرُجُوا مِنْ دِيَارِكُمْ مَا فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا مَا يُوعَظُونَ بِهِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَشَدَّ تَثْبِيتًا (66) وَإِذًا لَآَتَيْنَاهُمْ مِنْ لَدُنَّا أَجْرًا عَظِيمًا (67) وَلَهَدَيْنَاهُمْ صِرَاطًا مُسْتَقِيمًا (68) وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69) ذَلِكَ الْفَضْلُ مِنَ اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ عَلِيمًا (70)}
قوله تعالى: {وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنعَمَ اللهُ عَلَيهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ والشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ اولَئِكَ رَفِيقاً} أما الصديقون فهو جمع صديق، وهم أتباع الأنبياء.
وفي تسمية الصديق قولان:
أحدهما: أنه فِعِّيل من الصِّدْقِ.
والثاني: أنه فِعّيل من الصَدَقَة. وأما الشهداء فجمع شهيد، وهو المقتول في سبيل اللَّه تعالى.
وفي تسمية الشهيد قولان:
أحدهما: لقيامه بشهادة الحق، حتى قتل في سبيل الله.
والثاني: لأنه يشهد كرامة الله تعالى. في الآخرة. ويشهد على العباد بأعمالهم يوم القيامة إذا ختم له بالقتل في سبيل الله.
وأما الصالحون فجمع صالح وفيه قولان:
أحدهما: أنه كل من صلح عمله.
والثاني: هو كل من صلحت سريرته وعلانيته.
وأما الرفيق ففيه قولان:
أحدهما: أنه مأخوذ من الرفق في العمل.
والثاني: أنه مأخوذ من الرفق في السير.
وسبب نزول هذه الآية على ما حكاه الحسن وسعيد بن جبير وقتادة والربيع والسدي أنَّ ناساً توهموا أنهم لا يرون الأنبياء في الجنة لأنهم في أعلى عليين، وحزنوا وسألوا النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية.

.تفسير الآيات (71- 74):

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ فَانْفِرُوا ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرُوا جَمِيعًا (71) وَإِنَّ مِنْكُمْ لَمَنْ لَيُبَطِّئَنَّ فَإِنْ أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَالَ قَدْ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيَّ إِذْ لَمْ أَكُنْ مَعَهُمْ شَهِيدًا (72) وَلَئِنْ أَصَابَكُمْ فَضْلٌ مِنَ اللَّهِ لَيَقُولَنَّ كَأَنْ لَمْ تَكُنْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُ مَوَدَّةٌ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ مَعَهُمْ فَأَفُوزَ فَوْزًا عَظِيمًا (73) فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا بِالْآَخِرَةِ وَمَنْ يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا (74)}
قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُواْ خُذُواْ حِذْرَكُم} فيه قولان:
أحدهما: يعني احذرواْ عَدُوَّكم.
والثاني: معناه خذواْ سلاحكم فسماه حذراً لأنه به يتقي الحذر.
{فَانفِرُواْ ثُبَاتٍ أَوِ انْفِرو جَمِيعاً} والثُّبات: جمع ثُبة، والثُبةُ العُصْبة، ومنه قول زهير:
لقد أغدو على ثُبةٍ كرام ** نشاوَى واجدين لما نشاء

فيكون معنى لآية فانفروا عُصَباً وفِرقاً أو جميعاً.
قوله تعالى: {فَلْيُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يَشْرُونَ الْحَياةَ الْدُّنْيَا بِالأَخِرةِ} يعني يبيعون الحياة الدنيا بالآخرة، فعبر عن البيع بالشراء.
{وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيُقْتَلْ أَوْ يَغْلِبْ فَسَوفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} فإن قيل فالوعد من الله تعالى على القتال فكيف جعل على القتل أو الغلبة؟ قيل لأن القتال يفضي غالباً إلى القتل فصار الوعد على القتال وعداً على من يفضي إليه، والقتال على ما يستحقه من الوعد إذا أفضى إلى القتل والغلبة أعظم، وهكذا أخبر.

.تفسير الآيات (75- 76):

{وَمَا لَكُمْ لَا تُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ وَلِيًّا وَاجْعَلْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ نَصِيرًا (75) الَّذِينَ آَمَنُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ الطَّاغُوتِ فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا (76)}
قوله تعالى: {رَبَّنآ أَخْرِجْنَا مِنْ هَذِهِ الْقَرْيَةِ الظَّالِمِ أَهْلُهَا} هي مكة في قول جميع المفسرين، لما كانواْ عليه، كما أخبر الله به عنهم، من استضعاف الرجال والنساء والولدان وإفتانهم عن دينهم بالعذاب والأذى.

.تفسير الآيات (77- 79):

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآَتُوا الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللَّهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ لَوْلَا أَخَّرْتَنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ قُلْ مَتَاعُ الدُّنْيَا قَلِيلٌ وَالْآَخِرَةُ خَيْرٌ لِمَنِ اتَّقَى وَلَا تُظْلَمُونَ فَتِيلًا (77) أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكُكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ وَإِنْ تُصِبْهُمْ حَسَنَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هَذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ فَمَالِ هَؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا (78) مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ وَأَرْسَلْنَاكَ لِلنَّاسِ رَسُولًا وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا (79)}
قوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيَل لَهُمْ كُفُّواْ أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَءَاتُواْ الزَّكَاةَ فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ إِذَا فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَخْشَوْنَ النَّاسَ كَخَشْيَةِ اللهِ أَوْ أَشَدَّ خَشْيَةً} فيمن نزلت هذه الآية فيه أربعة أقاويل:
أحدها: أنها نزلت في ناس من الصحابة استأذنوا النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في قتال المشركين فلم يأذن لهم، فلما كُتِبَ عليهم القتال وهم بالمدينة قال فريق منهم ما ذكره الله عنهم، وهذا قول ابن عباس، وعكرمة، وقتادة، والسدي.
والثاني: أنها نزلت في المنافقين، وهو قول بعض البصريين.
والثالث: أنها نزلت في اليهود.
والرابع: أنها من صفة المؤمن لما طُبعَ عليه البشر من المخافة، وهذا قول الحسن.
{أَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ} في البروج ها هنا ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنها القصور، وهو قول مجاهد، وابن جريج.
والثاني: أنها قصور في السماء بأعيانها تسمى بهذا الاسم، وهو قول السدي، والربيع.
والثالث: أنها البيوت التي في الحصون وهو قول بعض البصريين.
وأصل البروج الظهور، ومنه تبرج المرأة إذا أظهرت نفسها.
وفي المُشّيَّدَةِ ثلاثة أقاويل:
أحدها: المجصصة، والشيد الجص، وهذا قول بعض البصريين.
والثاني: أن المُشّيَّدَ المطول في الارتفاع، يقال شاد الرجل بناءه وأشاده إذا رفعه، ومنه أَشدت بذِكِرْ الرجل إذا رَفَعْتَ منه، وهذا قول الزجاج.
والثالث: أن المُشّيَّد، بالتشديد: المُطَّول، وبالتخفيف: المجصَّص.
قوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ حَسَنةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِ اللهِ وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُواْ هَذِهِ مِنْ عِندِكَ} في القائلين ذلك قولان:
أحدهما: أنهم المنافقون، وهو قول الحسن.
والثاني: اليهود، وهو قول الزجاج.
وفي الحسنة والسيئة ها هنا ثلاثة تأويلات:
أحدها: البؤس والرخاء.
والثاني: الخصب والجدب، وهو قول ابن عباس، وقتادة.
والثالث: النصر والهزيمة، وهو قول الحسن، وابن زيد.
وفي قوله: {مِنْ عِندِكَ} تأويلان:
أحدهما: أي بسوء تدبيرك، وهو قول ابن زيد.
والثاني: يعنون بالشؤم الذي لحقنا منك على جهة التطُّير به، وهذا قول الزجاج، ومثله قوله تعالى: {وَإِن تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُواْ بِمُوسَى وَمَن مَّعَهُ} [الأعراف: 131].
قوله تعالى: {مَا أَصَابَكَ مِن حَسَنَةٍ فَمِنَ اللهِ وَمَآ أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِن نَّفْسِك} اختلف في المراد بهذا الخطاب على ثلاثة أقاويل.
أحدها: أن الخطاب متوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو المراد به.
والثاني: أنه متوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم والمراد به غيره، وهو قول الزجاج.
والثالث: أنه متوجه إلى الإنسان، وتقديره: ما أصابك أيها الإنسان من حسنة فمن الله، وهذا قول قتادة.
وفي الحسنة والسيئة ها هنا ثلاثة أقاويل:
أحدها: أن الحسنة النعمة في الدين والدنيا، والسيئة المصيبة في الدين والدنيا، وهذا قول بعض البصريين.
والثاني: أن الحسنة ما أصابه يوم بدر، والسيئة ما أصابه يوم أحد من شج رأسه وكسر رباعيته، وهو قول ابن عباس، والحسن.
والثالث: أن الحسنة الطاعة، والسيئة المعصية، وهذا قول أبي العالية. قوله تعالى: {فَمِن نَّفْسِكَ} قولان:
أحدهما: يعني فبذنبك.
والثاني: فبفعلك.

.تفسير الآيات (80- 81):

{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا (80) وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ فَإِذَا بَرَزُوا مِنْ عِنْدِكَ بَيَّتَ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ وَاللَّهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81)}
قوله تعالى: {مَن يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ} وإنما كانت طاعة لله لأنها موافقة لأمر الله تعالى.
{وَمَن تَوَلَّى فَمَآ أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً} فيه تأويلان:
أحدهما: يعني حافظاً لهم من المعاصي حتى لا تقع منهم.
والثاني: حافظاً لأعمالهم التي يقع الجزاء عليها فتخاف ألاّ تقوم بها، فإن الله تعالى هو المجازي عليها.
{وَيَقُولُونَ طَاعَةٌ} يعني المنافقين، أي أمرنا طاعة.
{فَإِذَا بَرَزُواْ مِنْ عِندِكَ بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} والتبييت كل عمل دُبِّر ليلاً، قال عبيد بن همام:
أتوني فلم أرض ما بيّتوا ** وكانواْ أتوْني بأمرٍ نُكُر

لأُنْكِحَ أَيِّمَهُمْ منذراً ** وهل يُنْكِحُ الْعَبْدُ حُرٌّ لحُرْ؟

وفي تسمية العمل بالليل بياتاً قولان:
أحدهما: لأن الليل وقت المبيت.
والثاني: لأنه وقت البيوت.
وفي المراد بقوله تعالى: {بَيَّتَ طَآئِفَةٌ مِّنْهُمْ غَيْرَ الَّذِي تَقُولُ} قولان:
أحدهما: أنها غيّرت ما أضمرت من الخلاف فيما أمرتهم به أو نهيتهم عنه، وهذا قول ابن عباس، وقتادة، والسدي.
والثاني: معناه فدبَّرت غير الذي تقول على جهة التكذيب، وهذا قول الحسن.
{وَاللهُ يَكْتُبُ مَا يُبَيِّتُونَ} فيه قولان:
أحدهما: يكتبه في اللوح المحفوظ ليجازيهم عليه.
والثاني: يكتبه بأن ينزله إليك في الكتاب، وهذا قول الزجاج.